3/12/2021

نظام معلومات تسيير الموارد البشرية

 

نظام معلومات تسيير الموارد البشرية

بسم الله الرحمان الرحيم

كلية العلوم الإقتصادية وعلوم التسيير

الجمعية العلمية

نادي الدراسات الإقتصادية

نظام معلومات تسيير الموارد البشرية

خطة البحث:

مقدمـة

-I مفاهيم عامة حول نظام معلومات الاجتماعية

-1-I تعريف نظام معلومات الاجتماعية

-2-I وظائف نظام معلومات الاجتماعية

-3-I دور قاعدة معطيات الموارد البشرية

-II هيكلة نظام المعومات الاجتماعية

-1-II النظام العملي: الميادين الأربعة للمعلومة الاجتماعية

-1-1-II تسيير العتاد و الموارد البشرية

-2-1-II التحكم في المناخ الاجتماعي, السلوكات الاجتماعية, و تطوير الحديث الاجتماعي

-3-1-II تقدير الكفاءة و الاستثمار في التكوين

-4-1-II التحكم في تكاليف الأجور و التكاليف الاجتماعية

-2-II نظام التحكم: المستويات الهيراكية للقرار

-1-2-II المستوى الاستراتيجي

-2-2-II مستوى التعديل أو الوسيط

 -3-2-II مستوى التنفيذ

-3-II إنشاء نظام المعلومات الاجتماعية

-III مركزية أو لامركزية نظام المعلومات و المراقبة الاجتماعية ؟

-1-III مركزية المعلومات والمراقبة

-2-III اللامركزية الكاملة للمعلومات والمراقبة

-3-III اللامركزية الجزئية: أو الحل الوسط

-IV تشغيل نظام المعلومات و المراقبة الاجتماعية

-1-IV نظام معلومات الاقتصادية و نظام معلومات الاجتماعية

-2-IV استخراج و معالجة المعلومات

-1-2-IV الإنطلاق من معلومات الراتب

-2-2-IV جمع و تجميع المعطيات

-3-2-IV تصفية المعطيات الفائضة

-3-IV استغلال المعلومات القانونية في لوحة القيادة

-1-3-IV معلومات المحاسبة المالية

-2-3-IV معلومات الميزانية الاجتماعية

-4-IV المراجعة الاجتماعية

الخاتمة.

مقدمة

إننا نلاحظ و نعيش يومياً تحول مفاهيم و فرضيات ميدان التسيير, في حين أن نظم المعلومات والتسيير المستعملة تحاول التأقلم فتشهد هي الأخرى تقلب قواعدها الأساسية. يعد هذا في الحقيقة و عمق الأشياء لمعالجة المتغيرات الأساسية المحددة للقرار.

هذه المتغيرات هي: الوقت, القيمة, و السلطة, حيث أن عادة النظر فيها سيؤثر حتماً على التسيير الاجتماعي. أما بخصوص الوقت: فالفعالية و الكفاءة (Performance) ينتجان غالبا عن ربح الوقت في إنجاز نفس النشاط, و لكن أيضا من إمكانيات التأقلم و الليونة, بمعنى القدرة على التطور عبر الزمن التي تجد جذورها في استعداد استباق الأحداث و الكون في تقديم " تقدم عن الوقت" بتطوير استراتيجيات اجتماعية, التنبؤ بالتحولات و عدم تجاهل المقاومة الدفاعية (Inertie) لأفراد المنظمة.

نظم التسيير و المعلومات من شأنها السماح بقيادة هذه التطورات و تسليح المسؤولين بالوسائل الجديدة التي تأخذ عامل الوقت في الحسبان كوسائل التخطيط و ترصد المحيط التي تمكن من الحصول على المعلومات آنياً.

بينمـا القيمـة: فلا تنتج فقط عن التراكم المادي, بل كذلك من التراكم الغير مادي المتمثل في أثر الاستثمارات في الذكاء, بعبارة أخرى أصبحت القيمة تجد معناها في أشكال الإنتاج التي كانت مهمشة من طرف أنظمة المراقبة الكلاسيكية, لذلك ينبغي على نظم المعلومات أن تقيم و تعالج كل من: المعارف في كيفية العمل (Know Now), الطاقات الكامنة للبشر (Potentiels Humains), و بصفة عامة كل الأشكال غير المادية للثروة.

و أخيراً, و ليس آخراً, السلطـة: الانتقال من نظام التحكم الهيراكي إلى نظم السلطة اللامركزية –التي تكون أحيانا مشتة- يستدعي أقلمة إجراءات متابعة كفاءة الأداء و مراقبة هذا التوزيع الجديد للسلطة, كما أن اقتسام هذه الأخيرة بين المؤسسة و أعوانها (agents) في المحيط, يؤدي إلى اتساع نطاق الرقابة إلى درجة استلزام إحداث مراقبة اجتماعية.

و هنا يكمن الإشكال, إذ أن تعقيد العلاقات الاجتماعية يستدعي معالجتها بكيفية شاملة (Globale) و ديناميكية و ارتباطية (Interactive) في نفس الوقت. فكيف لهذا أن يتحقق دون الإستعانة بنظام المعلومات الإجتماعي (sis) ؟ باعتبار أن المعلومة الاجتماعية هي المغذي الرئيسي لاتخاذ القرار وتهيئة الرقابة الاجتماعية ضمن الشروط التي سيتم دراستها في هذا البحث المتواضع.

-I مفاهيم عامة حول نظام المعلومات الاجتماعية:

 إن هدف نظام المعلومات أياً كان, هو السماح بتبادل المعلومات بين مهام قيادة المنظمة ومختلف أنظمتها الفرعية العملية. بصفة عامة يمكن تعريف نظام المعلومات كجملة العناصر (من أفراد, أجهزة برمجيات ... الخ) التي تسمح باقتناء, معالجة, الاحتفاظ و بث المعلومات. و يمكن استخراج إقترابين متكاملين لكن قابلين للفصل و يقومان على ثنائية مفهوم نظام المعلومات:

- نظام المعلومات هو هدف (objectif) للتسيير لأنه يحدد حالة معينة ينبغي الوصول إليها.

- نظام المعلومات هو أداة (objet) للتسيير لأنه يحدد سيرورة معينة ينبغي إدارتها.

و النظام المتكامل للمعلومات, يتطلب توافر المعلومات عن الأنشطة الداخلية في المنظمة, و أيضاً معلومات عن البيئة الخارجية المحيطة بها. و يتمثل نظام المعلومات في ثلاث أجزاء رئيسية هـي:

أولاً: المدخلات

 و هي البيانات التي تم إدخالها إلى النظام و هي تشمل على بيانات تجمع داخل المنشأة مثال ذلك أرقام الإنتاج, المبيعات, المصروفات, الأرباح, العمالة, المخزون, المشتريات ...الخ.و بيانات خارجية (خارج المؤسسة) و هي تشمل على ظروف السوق و المنافسة و اتجاهات المستهلكين, وكافة القوانين المتعلقة بالنواحي السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية ... و هذه البيانات بيانات تاريخية أو حاضرة أو توقعات و تنبؤات مستقبلية.

ثانيا: العمليات أو الأنشطة

 و هي تلك المتصلة بالتعامل مع البيانات و التي تشمل: التجميع, التصنيف, و التحليل, التداول, الحفظ و الاسترجاع.

ثالثاً: المخرجات

 و تتمثل في مجموعة التقارير و الإحصاءات التي تنتج من العمليات السابقة مثال ذلك نسب الربحية, أرصدة المخزون, المركز المالي, نتائج نشاط الإنتاج و البيع و التمويل ... الخ.

-1-I تعريف نظام المعلومات الاجتماعية:

 بتجاوز نظام المفهوم الوحيد – الذي تم التخلي عنه- يمكن تعريف نظام المعلومات الاجتماعية كأحد الأنظمة الفرعية للمنظمة و الذي يعد ضروري لوظائف "الموارد البشرية" و "المراقبة" من أجل الأداء الجيد لمهامها. بعبارة أخرى و ببيان أبعاده, يمكن القول أنه في نفس الوقت:

- وسيلة للإتصال الداخلي في المنظمة, أي أحد أدوات التنسيق, المحادثة, و التأثير على المناخ الاجتماعي؛

- مساعدة للإتصال مع المحيط, مثلا بالنشر السنوي لميزانية اجتماعية؛

- مساعدة لعمليات التسيير و بالتالي لمراقبة القرار: إذ تعد المعلومة الاجتماعية المادة الأولية للقرار الفردي (كالترقية, المراقبة, التعيين, ... ) أو الجماعي (كالاستخدام, الفصل, إعادة التخصص, المسارات المهنية ... الخ).

غير أن المورد البشري الذي يمثله الفرد, له بالمقارنة مع الموارد الأخرى خصائص محددة, فهو ليس ملكية للمؤسسة و لا يعتبر -على الأقل من وجهة نظر المحاسبي- كعنصر من ذكتها؛ فالمؤسسة يربطها بالفرد عقد قابل للإلغاء عند توفر شروط ذلك. هذه الخاصية للمورد البشري تعرض قيود على نظم تسيير هذه الموارد, كضرورة تأمين التوظيف, الاستخدام, ثم تسيير المستأجرين (إلى غاية مغادرتهم للمؤسسة), أي متابعة تدفق موارد خاصة للتحول و متحكم فيها جزئياً.

-2-I وظائف نظام المعلومات الاجتماعية:

 في الأصل, كانت أتمتة معالجة المعلومات تقتصر على معالجة التعويضات و مسك سجل خاص بالمستخدمين. لكن نظام المعلومات الخاص بتسيير الموارد البشرية (GRH) يتجاوز هذه الوسيلة "البدائية" سواءاً في الوظائف التي يؤديها أو في تسيير المعطيات.

حيث تستخدم إدارة الموارد البشرية في المنظمات المعاصرة, و في سائر مراحل و أنواع نشاطاتها, نظم المعلومات لمساعدتها على إنجاز وظائفها المختلفة, و أهم هذه الوظائف:

• و ضع الخطط الإجمالية و التفصيلية و التنبئية لقوة العمل, و ذلك بمقابلة حاجات المنطقة للقوى العاملة مع العروض من القوى من داخل المنظمة و خارجها, و إيجاد الرصد و عرض البدائل لمعالجة الفروقات.

• بناء ملفات شخصية خاصة بكل موظف, يبين فيه كل المعلومات الضرورية عنه من حيث العمر, و الجنس و الحالة الاجتماعية و المؤهلات, و تاريخ الالتحاق, و نوع الوظيفة, و الانفكاك ومقدار الراتب و الترفيعات و المكافآت و العقوبات... الخ.

• وضع جداول و ولوائح تفصيلية و إجمالية, يوضح فيها طبيعة الموارد البشرية في المنظمة, من حيث متوسط العمر, و نسبة النوع (الجنس), و معدل الشهادات و القدم الوظيفي, و حجم و طبيعة المهارات (الإمكانات) البشرية التي تمتلكها المنظمة.

• وصف كامل لجميع الوظائف المتاحة في المنظمة, مبيناً فيه متطلبات كل وظيفة, و المهمات التي سيقوم بها شاغل هذه الوظيفة, و في مقابل ذلك يجري حصر المهارات و الكفايات المتواجدة في المنطقة, و مدى مقابلتها مع الوظائف المتاحة؛

• تنظيم شؤون العاملين الإدارية و الإجرائية, مثل: صكوك التعيين, و الإجازات العادية, و المرضية, و تسجيل الغيار, و النقل و الترفيع, ... و غيرها من النشاطات الدورية و الروتينية.

• إجراء البحوث و الدراسات المهنية و السلوكية, باستخدام قاعدة معطيات الموارد البشرية وقاعدة المعرفة لإجراء هذه البحوث, مثل مقارنة مستوى الأجور مع مستوى المعيشة, أو فحص العلاقة بين الحوافز التي تقدمها المنظمة و معدلات أداء العاملين, أو حساب نسبة تكاليف الأيدي العاملة في المنتج النهائي, (عائدية اليد العاملة), و غيرها من مجالات بحث الموارد البشرية, مثل معدل الغياب و دوران الأيدي العاملة.

-3-I دور قاعدة معطيات الموارد البشرية:

 إن ضمان تسيير الموارد البشرية يستلزم المعرفة الدائمة لحالة هذه الموارد, لهذا نجد في كل المؤسسات سجل (أو قاعدة معطيات) "المستخدمين" الذي يصف مختلف الأفراد المأجورين في المؤسسة.

قاعدة المعطيات هذه تشكل محور دوران (pivot) الأساسي لنظام معلومات (GRH), فالنشاطات الرئيسية (التوظيف, التكوين, المكافئة) تستعمل معطيات هذه القاعدة و توفر معطيات لهذه القاعدة التي تكون حسب الحاجة إما يدوية بشكل كامل أو مؤتمتة جزئياً أو كلياً.

نظام المعلومات اليدوي:

 في ظل هذا النظام تحتفظ إدارة المستخدمين بسجلات كاملة عن كل موظف, و يحتوي هذا السجل على معلومات تتعلق بخصائصه الشخصية و تعليمه و خبراته السابقة و اسم الوظيفة التي يشغلها, و نوع التدريب الذي حصل عليه, كما تستخدم أيضاً مجموعة من النماذج و المستندات في كافة الأنشطة التي تمارسها إدارة المستخدمين (كتخطيط القوى العاملة, الاختيار و التعيين, التدريب والتنمية الإدارية, الأجور و المرتبات, النقل و الترقية, قياس كفاية أو كفاءة العاملين... الخ. و من أمثلة هذه النماذج و المستندات: نموذج استلام العمل و نماذج قياس كفاية العاملين...الخ.

نظام معلومات المؤتمت (Automatisée)

 قد ترغب المؤسسة في التحول من قاعدة المعطيات السابقة إلى قاعدة معطيات مؤتمتة جزئياً أو كلياً, فتستعمل الأقراص المغناطيسية لحفظ كل المعطيات الإلزامية الضرورية لتسيير المستخدمين, ويمكن إظهار هذه المعطيات و الوثائق حسب الطلب على شاشة الحاسوب لاستجوابها (interrogation) و تجديدها.

تلجأ المؤسسة غالباً لقاعدة المعطيات المؤتمتة نتيجة لتضخم حجم الأعمال و تعدد الأنشطة و زيادة عدد العاملين بها, بحيث يصبح التعامل مع حركة العمالة يتطلب وقتاً و مجهوداً أكبر, و أيضاً نتيجة لحدوث أخطاء في حالة استخدام النظام اليدوي, و بالتالي فإن من مزايا النظام المؤتمت هي: تقليل أو اختصار الوقت, تقليل الأخطاء التي تحدث من جراء تكرار كتابة و استخدام المعلومات, التخلص من أحجام المعلومات المتراكمة طوال عمر المؤسسة و حفظها على الأقراص المغناطيسية أو أحسن على الأقراص المضغوطة.

إلى جانب قاعدة المعطيات المستخدمين فإن نظام تسيير الموارد البشرية يستعمل معلومات أخرى هي:

1- معطيات وصفية للوظائف و المناصب, معرفة في صيغة مؤهلات (إذا كانت قاعدة المعطيات "المستخدمين" تحتوي وصف للمؤهلات فإنه يمكن التقريب بسهولة بين الاحتياجات و الموارد المتاحة لتخطيط التوظيف, التكوين, التعيين...), الصعوبة الرئيسية تكمن في وصف المؤهلات التي تشترطها الوظيفة, بكيفية عملية (opérationnelle) بطرح سؤال: ما هي المعرفة الخاصة (savoir- Faire) المطلوبة؟

2- كمية كبيرة من المعلومات ذات الصبغة القانونية (اجتماعية و جبائية), لأن التشريع الخاص بتسيير المستخدمين جدّ متطور و في تحول دائم.

-II هيكلة نظام المعلومات الاجتماعية:

 إن عملية إعداد نظام المعلومات الاجتماعية لا ينبغي أن تترجم في الوضع العشوائي للجداول و البيانات و الوثائق المتعددة, دون خطة مسبقة, إذ من الضروري توقع خطة تنظيم عام بكيفية تسمح:

- تفادي التكرار (Redondance) الذي يعبر عن سوء استخدام الإمكانيات؛

- البحث عن أكبر تنسيق (cohérence) بتفادي إنتاج معلومات متناقضة لتوضيح نفس القرار؛

- تطوير ملائمة (pertinence) المعلومة, بمعنى توافقها مع القرار الذي سيتخذ و مع صاحب القرار.

لهذا الغرض يمكن اقتراح مصفوفة (grille) لتحليل نظام المعلومات الاجتماعية القائم على اقتراب ثنائي متمثل في: المستوى الهيراكي للقرار المتخذ من جهة, و ميدان التسيير الاجتماعي المعني من جهة أخرى. هذا الإطار بتمثيل مناطق المعلومات الموافقة لكل نوع و لكل مستوى من الخيارات الاجتماعية.

-1-II النظام العملي: الميادين الأربعة التي تحتوي المعلومة الاجتماعية

 ملاحظة التطبيقات (الممارسات) تظهر أنه من الممكن استخراج أربعة مناطق خاصة بالتسيير الاجتماعي, أي أن المعلومة الاجتماعية توجد في أربعة ميادين مميزة:

-1-1-II تسيير العتاد و الموارد البشرية:

 يتعلق بمجمل الممارسات التي ترمي إلى وضع "الشخص المناسب في المكان المناسب" وتشمل التوظيف, متابعة العتاد, ديمغرافية الموارد البشرية, التسيير التنبئي للمستخدمين, معرفة الطاقات الكامنة و تنظيم المسارات المهنية ...الخ.

-2-1-II التحكم في المناخ الاجتماعي, في السلوكات الاجتماعية و في تطوير الحديث الاجتماعي:

 قيادة المنظمات يستدعي القدرة على التقدير الدوري لسلوكات الأفراد و الجماعات التي تعيش في وسط المنظمة. حيث أظهرت بحوث علم الاجتماع و الخبرات, منذ أكثر من نصف قرن, أن الاقترابات (approches) الآلية فيما يخص ردود فعل مأجورين, غالبا ما تتوج بالفشل, لهذا تحاول إدارة الأفراد تقدير تقدم المناخ الاجتماعي من خلال مؤشرات الاختلال. و بصفة مكملة أسندت لها مهام تهيئة إجراءات الإتصال الداخلي و تطوير الحديث الاجتماعي.

و في هذا السياق تشير الخبرات الحديثة في الاتصالات و تجارب الجماعات الصغيرة إلى أن مصدر المشاكل التنظيمية و مشاكل اتخاذ القرار, يكمن في المحتويات الخاطئة للمعلومات أو في التدفق الخاطئ للمعلومات في شبكة الاتصالات التنظيمية, فتظل مشاكل كثيرة في المنظمات بدون حل ليس بسبب صعوبة تنظيم وتوصيل المعلومات, و إنما بسبب وجود معلومات غير مرتبطة بالنشاط المطلوب اتخاذ قرار بشأنه, و هذا ما يدعى بالإزعاجات أو ضوضاء الرسالة.

-3-1-II تقدير الكفاءة و الاستثمار في التكوين:

 خلال العشرية الأخيرة أبدى بوضوح و بحجم كافي بآراء موحدة (Unanime) حوا هذا الموضوع: وهو أن البشر هم أساس تحسين كفاءات المنظمة, يبدو إذن من العادي تقدير هذه تقدير الكفاءة, ليس بهدف تراكم المعرفة ذات صبغة وصفية, لكن من أجل العمل على تحسينها (الكفاءة).

هذا الاقتراب للكفاءة يتم في مستويات مختلفة: يمكن أن تكون فردية أو جماعية, فتتجسد في ربحية الإنتاجية, ارتفاع الفائض المالي, أو من خلال المؤشرات العامة للجودة...الخ. لكن مهما يكن, أصبحت الكفاءة تشكل في كل مكان أداة و هدف لتسيير الاجتماعي.

-4-1-II التحكم في تكاليف الأجور و التكاليف الاجتماعية:

 لمعرفة الالتزامات المالية التي تمثلها اليد العاملة, قيادة سياسة الأجور, إعداد موازنات مصاريف المستخدمين, ... كل هذا يستدعي إنشاء معلومة محاسبية و مالية مستقلة مقارنة بالنظام المحاسبي المالي الكلاسيكي.

-2-II نظام التحكم: المستويات الهيراكية للقرار

 مجمل القرارات المتخذة في كلا الأربع ميادين العلمية المعرفة سابقاً لا تنجم عن نفس المستوى الهيراكي, فالدفع الشهري للأجور أو تقرير رفع الأجور بالنسبة للسنة, قياس المردودية في منصب عمل أو إنشاء نظام لتحفيز الكوادر, هذه كلها عمليات لها شخصيات عملية و لكنها تخص بصفة مؤكدة مستويات هيراكية مختلفة.

و قد يكون من العملي في كثير من الحالات, الاحتفاظ بثلاث مستويات هيراكية لبناء أو هيكلة نظام المعلومات الاجتماعية.

-1-2-II المستوى الاستراتيجي:

 أعلى المستويات, و هو الذي تؤخذ فيه القرارات الكبرى التي تلزم الوحدة على المدى الطويل, و هو مستوى إدارات: المستخدمين, الموارد البشرية, العلاقات الاجتماعية, ... الخ. التت تشتغل عامة في هذا المستوى بالتشاور مع الإدارة العامة. كما توجد في هذا المستوى القرارات الخاصة بتطور العتاد البشري على المدى الطويل, تنظيم عمليات الإنتاج, الظروف العامة للعمل, استراتيجيات تحفيز (motivation) الأشخاص, تطوير نظم المكافآت.

-2-2-II مستوى التعديل أو الوسيط (Intermédiaire)

 هو الذي تؤخذ فيه القرارات الاجتماعية على المدى المتوسط و التي تقابل الخيارات التكتيكية المطابقة (conforme) – على الأقل في المبادئ- لتلك المعمول بها في المستوى الاستراتيجي. سيتعلق الأمر مثلا بتنظيم حملة (compagne) توظيف, تقدير تطور الغيابات (absentéisme) خلال السنة, إنشاء أدوات لمراقبة كفاءات الأطر, تحديد طريقة حساب العلاوات (primes) الممثلين ... الخ.

-3-2-II مستوى التنفيذ (exécution)

 أكثر المستويات لا مركزية, و هو المستوى التسيير الاجتماعي اليومي (quotidien) كإدماج توظيف جديد, متابعة حوادث العمل, حساب علاوة تحفيزية (prime d’intéressement), تحديد مكافآت الشهر, إعطاء معلومة حول دفتر (bulletin) الراتب ...الخ.

المعلومة يجب أن تكون موافقة (adaptée) في نفس الوقت لمستوى القرار الواجب اتخاذه (مثلا للمستويات الثلاث المذكورة أعلاه) و لميدان الخيارات الاجتماعية المعمول بها. نظام المعلومات يجب إذن أن يكون مهيكل على أساس مبدأ الملائمة (pertinence), بمعنى توافق المعلومة على مستوى وطبيعة القرار المتخذ.

-3-II إنشاء نظام المعلومات الاجتماعية:

 نظام المعلومات الاجتماعي يغذي كل جزء من الإطار (grille) بالمادة الأولية لكل قرار ألا وهي: المعلومـة. من المنطقي إذن أن يهيكل هذا النظام (sis) على أساس تقاطع التقسيمين السابقين.

-III مركزية أو لامركزية نظام المعلومات و المراقبة الاجتماعية ؟

 إن استعمال مصطلحات (vocable) المركزية و اللامركزية يرجع إلى تسمية عامة تغطي ثلاث أشكال للتنظيم:

الشكـل الأول: تنظيم السلطـة (pouvoir)؛ حيث تتواجد في إطار تحول يتجه نحو التنديد المستمر بالأنظمة الهيراكية, البحتة, و التي توصف بالأنظمة التايلورية. على هذا الأساس يجب على نظم المعلومات و المراقبة أن تتأقلم بالإتجاه نحو لا مركزية أكبر,

الشكـل الثانـي: تنظيـم نظام المعلومات و المراقبة؛ مبدئياً, هذا النظام يجب أن يتم إرساءه بالتطابق مع تنظيم السلطة, بالخصوص في مستواه اللامركزي, لكن الملاحظة الميدانية تبين وجود نقص التناسب (décalage) مع هذه المبادئ؛

الشكـل الثالث: التنظيـم الجغرافي؛ سواءاً في شكل وحدة تقع في مكان معين, أو في شكل وحدات فرعية (sous- unités) مشتة (dispersés) جغرافياً, حيث أن تباعد النشاطات فضائيا يدفع إلى لامركزية المعلومات و السلطات. رغم ذلك, فإن اللامركزية لا تشكل طريقة تنظيم مفروضة بسبب التباعد الجغرافي, إذ نلاحظ وجود وحدات كبرى مشتة جغرافياً, لكنها تملك نظم المعلومات و مراقبة اجتماعية جد مركزية.

مع هذا, يمكن أن نجد تركيبات (combinaisons) بين مختلف طرق التنظيم المعلومات و المراقبة الاجتماعية, هذه التركيبات تقع بين النماذج "التامة" (purs) المعروضة فيما يلي:

-1-III مركزية المعلومات و المراقبة:

 في هذا التنظيم, فإن مجمل المعلومات, التي يتم جمعها من المستوى السفلي تصعد إلى المستوى المركزي (central) نحو إدارة المستخدمين أو مراقبة التسيير. هذه المعلومات تغذي القرارات التي تفرض على الوحدات اللامركزية, لو مثلنا هذا النظام بتصور ثلاث وحدات لامركزية (بالمفهوم الجغرافي أو تنظيم السلطة: مصانع, وحدات كبرى, و حدات الموازنات ...الخ.

مثال (01):

 كثيرا من منظمات القطاع الإداري أو تلك الناجمة عن هذا القطاع, تشتغل تبعاً لهذا النموذج, بعضها ذات الحجم الكبير و المشتة جغرافياً, تملك في نفس الوقت أنظمة تعمل على رفع المعلومات إلى مستوى الإدارة, و تملك طرق للمراقبة و للقرارات في حدّ ذاتها مركزية. هذا النوع من التنظيم مفيد من وجهة نظر تماثل القرارات المطبقة على الوحدات المشتة, وهو ما يعمل على العدل في تساوي المكانة (statut) الاجتماعية والأجور.

لكن في المقابل, هذا التنظيم يخفي بذور الأعراض البيروقراطية, نذكر منها: بطئ (lenteur) القرارات, عدم تناسب الخيارات (choix) باعتبار أن المعلومة منفصلة عن القرار, خطر استعمال رقابة كثيرة الاهتمام بالتفصيل (tatillonne) أكثر مما هي فعالة (efficace), غياب تفويض المسؤولية للأعوان (agents) اللامركزيين.

-2-III اللامركزية الكاملة (totale) للمعلومة و المراقبة:

 في هذا النظام الذي بدون شك يعاكس تماماً النظام السابق, فإن الوحدات اللامركزية تشتغل بصفة مستقلة (autonome), حيث تتخذ قراراتها تبعا للمعلومات التي تجمعها و تعالجها بإجراءاتها الخاصة في هذه الحالة, فإن دورة إدارة المستخدمين و المراقبة يقتصر على تحديد التوجهات الكبرى و على تقديم النصح للوحدات اللامركزية, حتى و أنه قد نلاحظ حالات أين يكون نتيجة عملية اللامركزية هي اختفاء إدارات المستخدمين و المراقبة و المركزية.

مثال (02):

 بصفة عامة فإن المؤسسات التي تقترب من هذه الطريقة في التنظيم, هي تلك التي تعمل في القطاعات العالية التخصص (secteur de pointe). هذا التنظيم نجده عادةً في مؤسسات الخدمات المعلوماتية (informatique), الهندسية (ingénierie) أو لتقديم النصح في ميدان محدد.

فائدة هذا التنظيم تكمن في الليونة (flexibilité) الكبيرة للنظام القادر على التأقلم السريع مع تغيرات المحيط, لذلك من العادي أن نجده في القطاعات المضطربة, أين يجب أن يكون تسيير الكفاءات الخاصة للتحول, على التخصص. بالمقابل فإن نتيجة الحتمية لهذا التنظيم هي إدخاله لاختلالات توازن المنافسة الداخلية حول مسألة المكافآت و ظروف العمل خاصةً. لذلك يمكن القول أن هذا النظام قد يحوي بذور دماره بذاته (autodestruction).

-3-III اللامركزية الجزئية أو الحل الوسطي:

 هذا التنظيم يمثل بالنسبة لكثير من المؤسسات مرحلة (stade) من تطور نظمها المعلوماتية و المراقبة, حيث يتصف باقتسام قيادة الأنظمة:

بالنسبة لإدارة المستخدمين و المراقبـة؛ ترجع غليها ممارسة الخيارات الأساسية الطويلة المدى, مثلا تحديد تطورات العتاد البشري أو نمو حجم الأجور في الوحدات اللامركزية. من جهة أخرى تقوم برسم شكل نظام المعلومات مع فرض هياكل (architectures) مماثلة (homogènes) على كل الوحدات الفرعية. فتعيين مثلاً برمجية (logiciel) معالجة المعلومات المستعملة من قبل كل الوحدات الفرعية؛ مما يجعل عملية تجميع المعلومات ممكنة.

بالنسبة للوحدات اللامركزية: ترجع إليها الخيارات المتوسطة و القصيرة المدى و كذلك تقوم بإعداد نظم المعلومات؛ فمثلاً تكفل بحملات التوظيف و تديرها, كما تحدد الأجور ضمن الإطار المعرّف به في المستوى العلوي.

مثال (03):

 هذه الأنظمة تشتغل في العديد من الوحدات التي تتميز بتسيير اجتماعي متقدم, كما هو الحال مثلا في المخابر الصيدلانية التي تترك استقلالية كبيرة لوحداتها الإنتاجية و تخصص للمقر (siège) مهمة الخيارات الاستراتيجية, على أساس معطيات التي تصل دورياً (périodiquement) إلى المركز.

فائدة هذا التنظيم أنه يضمن تماثل (homogénéité) مكانة المأجورين (salariés), كما يمكن من الحصول على اقتصاديات الحجم (économies d’échelle) في المعالجة, باستعمال نفس المنطق لمعالجة المعلومات. يبدو إذن أن هذا التنظيم يشكل مرحلة ملفت للإنتباه ضمن مراحل تطور نظم التسيير الاجتماعية, حيث يقع بين الطرق المركزية الموروثة عن الماضي, و الطرق الشديدة اللامركزية التي لم تصل بعد إلى مواكبة تطور الذهنيات و المحيط.

-4-III كيفية اختيار نموذج التنظيم الأمثل:

 طبقاً للأسس المعروضة, كيف يتم اختيار طريقة تنظيم نظام المعلومات و المراقبة الاجتماعية ؟ لقد أثبتت الملاحظة أن هذه المسألة تثار في مناسبتين:

1- عند حدوث تغيرات تكنولوجية في النظام (عادة عند القيام بمشروع تألية من مستوى أعلى)؛

2- عند ملاحظة اختلالات في اشتغال النظام, ككثرة ارتكاب الأخطاء, قلة المعلومات المتاحة و تأخر وصولها, ضعف الإنتاجية... الخ.

و نظراً لتنوع الهياكل, ظروف المحيط و الإنتاج, فإنه لا يمكن الإجابة على السؤال المطروح بتحديد أي النماذج هو الأمثل, لكن يمكن وضع ثلاث قواعد أساسية لترشيد للاختيار:

- قاعدة الاقتصادية (économicité): تكلفة المعلومة المنتجة و نظام المراقبة يجب أن تكون موازنة (proportionné) للقيمة المضافة إلى فعالية التسيير الاجتماعي؛

- قاعدة الملائمة (pertinence): إنتاج المعلومات و مراقبة التسيير, يجب أن يتوافقا مع المستوى الهيراكي للقرارات و مع ميدان القرار.

- قاعدة اللامركزية (décentralisation): كلما كانت الوظيفة الاجتماعية هامة بالنسبة للمنظمة, كلما كانت اللامركزية ضرورية لاكتساب أكبر ليونة و أوسع تأقلم مع المحيط. و هذه القاعدة يمكن ترجمتها بالمفارقة (paradoxe) التالية:" كلما كانت "وظيفـة المستخدميـن" حيوية (vitale) بالنسبة للمؤسسة, كلما كانت أدى ذلك إلى اختفائها كوظيفة في حدّ ذاتها لتمارس من قبل كل المسؤولين الهيراكيين".

- IV تشغيل نظام المعلومات و المراقبة الاجتماعية:

-1-IV نظام المعلومات الاقتصادية و نظام المعلومات الاجتماعية:

 دعنا نجعل فاصل تصوري بين نظام المعلومات الاقتصادية و نظام المعلومات الاجتماعية للمنظمة. من جهة, نجد المحاسبة كقاعدة أساسية للمعلومات الاقتصادية, حيث نجدها في كل المؤسسات, إذ تغذي بالمعلومات كلاً من النظام (financier), المحاسبة التحليلية (analytique) و تسيير الموازنات.

هذا هو نظام المعلومات الإقتصادية, الذي يعد من أوائل النظم التي استخدمتها المؤسسات في تسييرها اليومي, من جهة أخرى نجد قاعدة المعطيات "الراتب و المستخدمين" (paie – personnel) الموجودة –على الأقل بحد أدنى- في كل المؤسسات لإعداد الراتب الشهري. هذه القاعدة تغذي نظام معلومات الاجتماعية لإنتاج الوثائق الإلزامية (كالميزانية, و التصريحات القانونية) و في حالات متزايدة الانتشار لإعداد لوائح القيادة الاجتماعية و موازنات مصاريف المستخدمين و محاسبة الموارد البشرية.

-2-IV استخراج و معالجة المعلومات:

 إن الإجراءات المستعملة في الوقت الحالي, تبقي المعلومات الاجتماعية مخفاة في كل أنحاء المؤسسة, نظراً لأن جمع هذه المعلومات و مركزتها لا يتمان باحترام الأوقات المحددة.

- ففي أماكن (postes) العمل, يمكن معرفة أوقات العمل و الحضور و أحياناً مردودية المناصب المنتجة.

- في المصالح (services), يمكن التحكم في توزيع الإمكانيات, في المردودية الإجمالية, في تطور العتاد البشري و حتى في مصاريف التكوين, و مستوى المكافآت, لكن هذا يرتبط بدرجة اللامركزية.

- في المستوى المركزي يمكن تتبع التدفقات (flux) المجمعة (consolidé) من دخول و خروج تكاليف الأجور و التكاليف الاجتماعية, الكفاءات و عمليات التكوين ...الخ.

و بالتالي, مبدئياً يمكن الحصول على أي معلومة اجتماعية مهما كانت طبيعتها بشرط أن نقبل بدفع ثمن ذلك, أما عملياً, فإن مسألة التكلف و أجل (délai) الاستخراج, هي بالتحديد التي تفرض إجراء تصفية (filtrage) للمعلومات.

و يمكن تحليل التعاملات مع المعلومة الاجتماعية عبر وصف العمليات التالية:

-1-2-IV الانطلاق من معلومات الراتب:

 لا يمكن لأي مؤسسة أن تطلق على حتمية (obligation) استخدام نظام المعلومات لتحديد أجور العمال, حيث يمكن استخراج معطيات من هذا النظام: هذه المعطيات تتعلق بالعتاد البشري وتوزيعهم في الهيكل, أوقات العمل, الغيابات, تكاليف الأجور و التكاليف الاجتماعية للمستأجر الواحد, الخروج و الدخول, و بالتالي يتوفر لدى المسؤول معلومة ثرية, و التي يكفي تصفيتها وتحويلها إلى السجلات الأخرى. المسألة الوحيدة التي تطرح, تكمن في الجانب التقني: و هي كيفية استخراج (interfaçage) معلومات سجلات (fichier) الرواتب, في هذا المجال نلاحظ أن أغلبية أنظمة الرواتب تتصور مسبقاً كيفية خروج المعلومات المغذية للتسيير الاجتماعي.

-2-2-IV جمع (rassembler) و تجميع (consolider) المعطيات:

 بغض النظر عن الراتب, فإن المعلومة الاجتماعية تواجد في كل مكان, لذلك يجب على النظام أن يكون قادراً على استخراج المعطيات المفيدة لتجميعها فيما بعد. في مجال المراقبة الاجتماعية, هذه الضرورة تفرض التدخل (l’intervention) في كل من المعلومات الاجتماعية و في المعلومات الاقتصادية و المالية. أبرز مثال هو ذلك الخاص بالتكوين: حيث أن مصلحة المحاسبة تملك المعطيات المالية, أما مصلحة المستخدمين فتتوفر لديها المعلومات الإدارية, لذلك فإن ضرورة مراقبة مشاريع التكوين تؤدي إلى القيام بإعادة معالجة و تجميع المعلومات الصادرة من كلا المصلحتين.

-3-2-IV تصفية المعطيات الفائضة (surabondante):

 تنتج المنظمة يومياً ملايين المعلومات, و يحتفظ بالآلاف منها باستعمال مختلف طرق معالجة المعلومات, هدف أنظمة المراقبة هو فرز المئة معلومة التي تفيد التسيير الاجتماعي, ثم عرضها في لوائح القيادة, و ضرورة الفرز و التجميع تكتسي أكثر أهمية كلما ارتفعنا في المستويات الهيراكية, حيث يمكن الاحتفاظ بثلاث مستويات للفرز المتتالي (progressif) للمعطيات:

1- قـواعـد المعطيـات: تمثل اختيار أولي للمعلومات المفيدة للتسيير الاجتماعي الاقتصادي (socio - économique) باستعمال الحوامل المعلوماتية التي تسمح باستغلالها آلياً. عادة ما يتعلق الأمر إما بقاعدة الراتب و المستخدمين التي تسمح بإعداد الراتب و متابعة التسيير الاجتماعي, و أحياناً بقاعدة متابعة الأوقات, حيث أن معطيات هذه القواعد تستعمل مع المعطيات المحاسبية و مراقبة التسيير.

2- المجمعات (recueils) الإحصائية: تشكل فرز أولي للتنسيق بين قواعد المعطيات حسب المواضيع (thèmes), مثلاً قيام إدارة الموارد البشرية بتحليل مفصل للعتاد البشري حسب الجنس, الدرجة, الوظيفة أو المنصب المنتمي إليه... الخ. على أن يكون هذا التحليل في متناول المسؤولين الهيراكيين ضمن الشبكة الداخلية.

3- لوائـح القيـادة الاجتماعيـة: تساعد على اختيار و عرض المعلومات التي تعد بمثابة مفاتيح لاتخاذ القرار, هذه اللوائح يجب إذن أن تكون سهلة القراءة و ملائمة لكل مستعمل, كما ستحتوي على جزء من المعطيات في شكل أهداف مسطرة و قياس الانحرافات (écarts) ة غالباً ما يترك في هذه اللوائح مكان التعليق.

-3-IV استغلال المعلومات القانونية في لوحة القيادة الاجتماعية:

 من المستحيل اقتراح لوحة القيادة جاهزة الاستعمال لكل الوظائف, كما أن الاحتياجات الخاصة لا يمكن معالجتها فرعياً, لذلك قبل إنتاج معلومات جديدة, يجب البحث في تلك التي أنتجت من قبل إن لم تكن موجودة التي نحتاجها, و هذا له فائدتين:

1- فائدة الاقتصاد, لأن المعلومات إنتاجها مكلف, حتى و إن كانت هذه التكلفة غير معرفة بوضوح؛

2- فائدة المصداقية لأن المعلومات المكتسبة في إطار قانوني متأكد منها و المصادر القانونية هي: المحاسبة المالية, التسيير المحاسبي و الميزانية الاجتماعية.

-1-3-IV معلومات المحاسبة المالية:

 المحاسبة المالية (و بالخصوص أحد مقاييسها, الراتب) يمكن أن توفر العديد من المعلومات بتكلفة تقريبا معدومة و بمصداقية قصوى, إذ يكفي فتح الحسابات الفرعية اللازمة. فيمكن مثلاً الجمع في حسابات منفصلة أعباء المستخدمين حسب نوعهم (إطار إداري, مهندس, موظف, عامل ورشة, ...) أو حسب المصالح (الإدارة, التمويل, التصنيع, التسويق, الخدمات, الخدمات ما بعد البيع...). أو كذلك حسب الموقع الجغرافي (المقر, المصانع, المخازن, الورشات). كما يمكن تحليل الأعباء الاجتماعية تبعاً لمعايير مختلفة, كالأعضاء المستفيدين, طبيعة الخطر المغطى, تفصيل للمزايا العينية, ...الخ. لكن المحاسبة المالية لا تعالج سوى القيم النقدية, لذلك تستعمل معلومات من مصادر أخرى.

-2-3-IV معلومات التسيير المحاسبي:

 التسيير المحاسبي, عندما يكون موجود, يمكنه كذلك توفير معلومات ثمينة لتكميل المحاسبة المالية بمؤشرات مادية, مبدئياً يقوم التسيير المحاسبي بتحليل أعباء المستخدمين, فيسمح مثلا بحساب المؤشرات التالية:

- عدد ساعات العمل / عدد الساعات المدفوعة؛

- عدد الساعات المفوترة لزبائن / العدد الإجمالي للساعات المدفوعة؛

- عدد الوحدات (article) المنتجة / عدد الساعات ( وهو مؤشر مردودية أو إنتاجية العمل)؛

التسيير المحاسبي يسمح كذلك بالجمع بين المؤشرات المادية و المؤشرات المالية لحساب التكلفة المتوسطة لساعة العمل في مصلحة معينة, مصنع أو ورشة, أو بالنسبة لطلبية أو زبون معين.

-3-3-IV معلومات الميزانية الاجتماعية:

 للتذكير, الميزانية الاجتماعية كما عرفها المشرع في قانون العمل, هي وثيقة معدة سنوياً في كل المؤسسات التي تشكل على الأقل (300) عامل, إذ يتم عرض هذه الميزانية على الهيئات الممثلة للمستخدمين لتعمل على تلخيص المعطيات العددية الأساسية, التي تسمح بتقدير وضعية المؤسسة في الميدان الاجتماعي و تسجيل الإنجازات التي تمت و قياس التغيرات التي طرأت خلال السنة الجارية وفي السنتين الفارطتين. و الميزانية الاجتماعية لا تشبه على الإطلاق الميزانية المحاسبية, حيث تتكون من سبع فصول تشمل عدة مؤشرات إلزامية, و التي تعالج على التوالي:

العمالة: كتوزيع العتاد البشري حسب الشن, الجنس, الأقدمية, المؤهلات و الجنسية, العمال الأجانب, الرحيل بعزل التسريحات الاقتصادية و استقالة البطالة, الغيابات, و تقاس بعدد أيام التغيب.

التعويضات و الأعباء الثانوية (accessoire): كحجم الأجور حسب طبيعة المهنة و حسب الجنس, هيراكية المكافآت, إجمالي أعباء الأجور, المساهمات المالية (في النتيجة و في رأس المال).

ظروف الصحة و الأمن: كحوادث العمل, الأمراض المهنية, و مصاريف التأمين.

الظروف الأخرى للعمل: كمدة العمل, تحديد و تنظيم الساعات, مصاريف التنظيم و التحسين.

التكوين: نسبة حجم الأجور المخصصة للتكوين المتواصل, عدد المتربصين, عدد ساعات التربص, أجازات التكوين.

العلاقات الاجتماعية: تشمل تشكيلة اللجنة (comité) المركزية للمؤسسة, عدد اجتماعاتها, تواريخ و مواضيع الاتفاقيات, وجود هياكل التشاور.

الظروف الأخرى للحياة في المؤسسة: تتمثل في الخدمات الاجتماعية و تكلفة الخدمات التكميلية الأخرى (كالأمراض, الوفيات، الشيخوخة).

-4-IV المراجعة الاجتماعية (audit sos ):

 يتم إعداد هذه الوثيقة عبر مراحل, ففي بادئ الأمر يتم مراجعة التطابق ثم الفعالية و أخيرا الملائمة الاستراتيجية.

مراجعة التطابق (conformité): تسمح بالتأكد من أن المؤسسة -بصفة شاملة و كذلك مأخوذة مصلحة بمصلحة- تحترم القواعد الخارجية التي تفرض عليها, سواءاً كانت قواعد قانونية أو اتفاقية (conventionnel), أو كانت عبارة عن إجراءات قررت إنجازها بمحض إرادتها, و كذلك الاتفاقات التي أمضتها مع المؤسسات الأخرى, كما أنه لا يمكن بناء شيء قابل للدوام (durable) إلا بمعرفة أسسه و استقرار هذه الأخيرة, فإنه لا يمكن للمؤسسة ضمان الحديث مع شركائها الاجتماعيين إلا باحترام التزاماتها مهما كان مصدرها. ثم يتم جمع المعطيات الموجودة في تقرير مراجعة التطابق مع معطيات الميزانية الاجتماعية (المعرفة مسبقاً) لتكملها عند الضرورة.

من هاتين الوثيقتين تنجم مراجعة الفعالية (efficacité): التي تقدر مدى نجاح المنظمة في بلوغ أهدافها المسطرة ضمن بعد "الموارد البشرية" مثلا: هل العتاد البشري متواجد بعدد كافي ؟ هل تكوينه كافي ؟ هل حضوره كافي ؟ و هل درايته للنتائج المنتظرة منه كافية ؟

من هذه الوثائق الثلاث تنتج الوثيقة الأخيرة و هي:

مراجعة الملائمة الاستراتيجية: أي إذا كانت المنظمة بفضل السياسات الاجتماعية التي حددتها لنفسها, قادرة على بلوغ أهدافها القصيرة و المتوسطة المدى؟

و هكذا إنتقلنا من فحص الانحراف الإجرائي الموجود بين ما ينبغي أن يكون, و ما هو فعلاً ( وهذا بمراجعة التطابق) إلى فحص الانحراف الكمي و النوعي الموجود بين النتائج المتوصل إليها و الأهداف المسطرة (بمراجعة الفعالية), للوصول إلى الانحراف في السياسة و الاستراتيجية الحاضرة و المستقبلية.


 الخاتمة:

 نظم معلومات تسيير الموارد البشرية لها علاقة وطيدة بآفاق تناول مشكل المورد البشري في المنظمة, إذ أن نجاح هذه الأخيرة مقرون قبل كل شيء بطريقة الدمج بين جزء مؤتمت في الأعمال الروتينية و جزء يدوي قادر على ضمان الجودة, الليونة (souplesse) و الإثراء, في تسيير العلاقات بين الأفراد في المنظمة.

و أمام تعقيد المشاكل التي تواجهها إدارات الموارد البشرية فيما يخص نظم المعلومات, فإن تكوين الموارد البشرية يمكن أن يشكل مساعدة معتبرة لتهيئة و مواكبة اتخاذ المسؤولية في استعمال الإدارة المعلوماتية (الأجهزة و البرمجيات) بشكل كامل من أجل تحقيق العالية في ممارسات التسيير.


مراجع البحث:

الكتب باللغة العربية:

1- الحسنية سليم إبراهيم, نظم المعلومات الإدارية, عمان, الأردن, الطبعة الأولى, 1998.

2- النجار فريد, إدارة الأعمال الاقتصادية العالمية, الإسكندرية, 1998.

3- صلاح الدين محمد عبد الباقي, إدارة الموارد البشرية, الدار الجامعية, طبع, نشر, توزيع, الإسكندرية, 2000.

الكتب بالغة الفرنسية:

1- Martory (Bernard), contrôle de gestion sosiale, Vuibert, Paris, 1999.

2- Reix (Robert), système d’information et management des organisation ; Vuibert, Paris, 1995.

3- Weiss (Dimitri) , les ressources humaines , édition d’organisation ; Paris, 2ème tirage 2000.


0 شارك معنا رأيك

إرسال تعليق

مواضيع قد تهمك :